كابوسي الواقعي
بقيت ساعات قليلة حتى يصل القطار إلى المحطة, و كلي شوق و لهفة لرؤية أصدقائي و أقربائي .. وصل القطار .. و حطت قدماي على أرض الوطن ..
كم كانت السعادة تغمرني , لم أكن أتوقع أن هذا سيحدث يومًا .. كان هذا القطار , أجمل قطار ركبته في حياتي .. ليس بشكله إنما بمعناه , اسمه : قطار العرب , يبدأ من أبوظبي و ينتهي إلى مراكش , إنه أطول قطار بني في التاريخ , قطار يدل على الوحدة العربية و الانتماء لهذا الوطن العربي الإسلامي العظيم ..
وقفت أمام القطار لبرهة و قد سرحت عيناي أمامه .. و شهقت شهقة ثم ابتسمت و قلت في نفسي " سأركبك مرة أخرى "
بدأت في المشي و الدهشة مرسومة على وجهي .. و أنا أنظر يمينًا و يسارًا , لم تكن الحارة هكذا عندما غادرتها .. لقد تغيرت فعلا, أين تلك البقالة التي كنت أشتري منها الحلوى و كان فيها الحج أبو ابراهيم ؟ و أين ذلك المنتزه الذي كنت ألعب فيه و أمرح مع أصدقائي ؟ ..فعلا لقد تغير كل شيء.. حزنت قليلاً . لأن تلك الأماكن كانت محل ذكريات لأيام طفولتي .
قطعت علي حبل تفكيري طفلة صغيرة وقفت أمامي قائلة : أنت تحلمين .. استيقظي .. استيقظي , و أصبحت تهزني و تمسكني و تصرخ : أنت تحلمين , ما هذا الحلم الغبي ؟ نحن نبني قطارًا للوطن العربي كله ؟ هع .. هذا مستحيل !!لقد اتفقنا نحن العرب عل ألا نتفق..
خفت منها و ركضت بسرعة نحو ذلك القطار و لكني لم أجده .. ظلم المكان و اسود .. سمعت أصوات الطائرات .. الصواريخ .. بكاء الأطفال و صراخ النساء .. فعلا لقد ارتعبت.
تسمرت في مكاني .. لم أعرف ماذا أفعل , لقد تعبت نفسيًا و جسديًا .. قلت : لا إله إلا الله محمد رسول الله .. حسبنا الله و نعم الوكيل .. بدأت بالبكاء مثل النساء الأخريات .. لقد انهارت أعصابي فجأة , لم أكن أتخيل أن العالم سيتحول بطرفة عين هكذا .
شعرت بحرارة دافئة و سمعت أغاريد العصافير .. فتحت عيناي فوجدت نفسي على سريري و أنا في غرفتي .. في الإمارات .
لقد عرفت أن ذلك حلمًا و لكنه الواقع أيضَا .. أناس يعيشون بترف و الآخرين برعب و دمار .. كان يجب أن تكون الدول العربية دولة واحدة لا توجد بينها أية حدود و لكن ضعفت هذه الدولة .. قل تمسكها بدينها و أصبحت لا تهتم إلا بتوافه الأمور .. نست بها دينها و تاريخها و قوتها .. نست كيف كانت سيدة العالم .. كان العالم بأسره تحت سيطرتها , كلما تذكرت ذلك شعرت بقهر شديد..
لقد أيقنت أن كل ذلك حدث بسببنا و لكن ما زلنا نعيش في هذا الواقع المظلم ! متى نستيقظ من سباتنا ؟ متى ستنطق ألسنتا ؟ متى ستحيا ضمائرنا ؟
الأقصى ! المسجد الأقصى أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين , و منها عرج رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه و سلم إلى السماء .. كيف لها أن تدنس بأيدي أسافل البشر و نحن صامتون ؟!!
أعلم أنني أتكلم و أتكلم و ما من مجيب , فلا حياة لمن تنادي , لا أستطيع أن أعبر أكثر من ذلك , فقد انتهى الكلام و ما زال في داخلي مشاعر غضب لا تنتهي.
حسبي الله و نعم الوكيل .. لكن متى يا أمة الإسلام ؟ إلى متى يا أمة محمد ؟ إلى متى و نحن نائمون .. ؟؟ إلى متى ؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
رأيك يهمني... أحب أن أشعر بوجود من يتابعني .. أكتبوا أي شي و انا سعيدة بذلك :)